الأحد، 18 نوفمبر 2012

_148_ معركة شارع محمد محمود _ الاحد 20 نوفمبر 2011_ الجزء الثانى



 اليوم الثانى
بمناسبة مرور العام الأول على ما حدث هناك سوف أنشر مقتطفات منتقاة من الفيديوهات سوف اعرضها بحجم صغير و جودة متواضعة...أحسبها شهادة معاصرة عشتها بنفسى مثل الالاف تواجدوا فى شارع محمد محمود، أيام مجيدة للثورة ستبقى دائماً وابداً فى ذاكرة الجميع محفورة

الساعة الحادية عشر صباحاً
إشتعل شارع محمد محمود "الذى أصبح لاحقاً أشهر مِن ناراً علىَ علم"  إشتعل بمصادمات هائلة بين قوات الشرطة و المتظاهرين،  الذين كانوا هناك و يقرأون أو يشاهدون هذه التدوينة الان فقط هم الذين لا يحتاجون أن أشرح لهم تفاصيل الصدام مع الداخلية... وجوه المتظاهرين ...  حماسة و دفقة الغضب ...   نزق و اندفاع و جسارة الخط الاول و حاملى الاعلام ...   ملامح الفتيات اللائى كانوا يتنقلن بالادوية و مضادة الغاز و قطرات العيون و بخاخات الخميرة و زجاجات الخَل، .... سائقى الدرجات البخارية الابطال  ...  كبار السن من الرجال فى الخطوط الخلفية  ...  صبية صغار دون الخامسة عشر فى الخط الاول ... ما كان لنا ان نرى أجمل ما فى شعبنا إلا... داخل شارع محمد محمود خاصاً يوم الاحد الدامى

الساعة 4.57 دقيقة
هذا موعد آذان المغرب، بينما كنا نقف فى ساحة الميدان لنرتاح قليلاً من الغاز فى الداخل، وبينما كان شارع محمد محمود مملوء بلالاف من شباب الثورة كان ايضاً الميدان مملوء بالالاف غيرهم فى الميدان.
فجاءة إندفعت فى وقت واحد كلاً من قوات الشرطة من شارع محمد محمود  و قوات الجيش من شارع الشيخ ريحان الى قلب الميدان لاخلاءه من المتظاهرين الذين أقلقوا وقتها الحكومة و العسكر و الاخوان .. و كان ماَ كان


 

الساعة الخامسة وخمس دقائق
مرة أو مرتين إرتج الميدان بالغاز الكثيف والضجيج و الكر و الفر إلى ناحية عمر مكرم و قصر النيل و طلعت حرب و ميريت باشا... مالت الكفة لصالح قوات الجيش، فلا نستطيع أن نقف أمام جنود مشحونون نفسياً ضدنا بالاضافة إلى عقيدتهم العسكرية القتالية التى تختلف عن عقيدة قوات الداخلية، أضف إلى كل هذا أن قوات الجيش التى اقتحمت الميدان كانت من " النخبة " القوات الخاصة او 777 أو الصاعقة او المظلات، بنفسى شاهدت و عاصرت و عانيت منهم،  فلم أتخيل و أنا على مشارف الخمسين من عمرى أن أجرى حاملاً الكاميرة و حقيبة على كتفى بها بعض الطعام و زجاجة ماء .. كنت مع زملاء و اصدقاء كانو معى من قلب ميدان التحرير يطاردنا باصرار و عنفوان و غِل و ضغينة جنود هذه القوات .. جريت مع المتظاهرين رغم ثقل حقيبتى من قلب ميدان التحرير حتى ميدان الجلاء على مشارف حى الدقى .. حاولنا نتوقف لالتقاط الانفاس على منتصف كوبرى قصر النيل لاداء صلاة المغرب ... لكن هيهات ...

 

الخامسة و النصف
وصلنا مشارف كوبرى الجلاء امام نادى القاهرة ، ...قطعنا كوبرى قصر النيل و معظم شارع التحرير حتى اقتربنا من دخول ميدان الجلاء، هنا بدء الغضب يسيطر على مشاعر الجميع، تضاربت المشاعر بين الحزن الشديد أن الميدان تم فضه بقسوة و سرعة ... و بين قلق شديد على زملاءنا الذين تفرقوا الى جهات لا نعرفها ولا يردون على الهاتف ... و بين رغبتنا فى العودة للميدان ... و شعورنا فى نفس الوقت أننا ليس لنا طاقة بمجابهة جنود الجيش الاشداء الاغلاظ القساة





وقت تصوير هذه الصورة كنُت فى الميدان من جهة كوبرى قصر النيل بينما كانت الصورة على ناصية شارع طلعت حرب المؤدى الى الميدان، لكن صاحب الكاميرة وقتها كأنه يمتلك أهم بندقية لا تقتل بل تفضح.
هذه الصورة هى التى جعلت الميدان فى اليوم الثانى يشتعل بمئات الالاف من الغاضبين ... كان مشهد الجندى الذى يسحب أحد الشهداء بعد وفاته " فى هذه الصورة يُشار له بالرقم 1 "... كان الجندى يسحبه الشهيد من ملابسه مثل الذبيحة... ثم ألقى بها جوار الرصيف وسط كومة من الاوراق و المخلفات. ...لهول المشهد لم ننتبه وقتها أنه إلى جوار الشهيد كان يرقد سبعة شهداء أخرين، كماَ أشرت لهم فى الصورة بالارقام.
شهداءنا .. هم أكبر مقاماً و  أثمن قيمةً من قاتليهم ...بل و أعلى  مِناَ نحن... أعلى مِناً بكثير شرفاً و نبلاً .


لبشاعة المشهد لم نلاحظ أن الجندى" الدائرة رقم 9" وقف متبلداً و لم يكلف نفسه عناء رفع علم بلاده من الارض"دائرة رقم 10" يبدوا أنه اكتفى بقتل المتظاهرين كما آمره قادته القَتلة 




عند مدخل شارع طلعت حرب كان الشهيد " المُشار له برقم 2" كان يحاول الهروب مع زملائه من بطش و غلظة و قسوة جنود الجيش، تعثر فجاءة .. فسقط على الارض ... و  ويلاً لمن يسقط على الارض أمام هروات القتل فى يد الجنود .. بعد قليل كان قد التحق برفاقه من الشهداء .. ليجتمعوا عند ربهم الاعلى .. شاكين لجلالته بطش الظالمين ... و موعدون بإذن الخالق البارىء بسماء فُتحّت لهم وقتها بإذن ربها الرحيم .... صاعدين إلى الملأ الاعلى حيث حُسن الثواب و خير الخاتمة.



 



خاتمة
منذ أنشأ محمد على باشا الجيش المصرى فى اوائل القرن التاسع عشر، و مروراً بكل أحداث التاريخ المصرى فى المائة و ثمانين عاما الاخيرة لم يحدث أن وجّه الجيش أو بعض جنوده و ضباطه أسلحتهم إلى المصريين المدنيين، لكن السادة كلاً مِن: 
السيد وزير الدفاع بصفته السياسية 
و السيد رئيس الاركان بصفته التنفيذية 
و السيد قائد المنطقة المركزية العسكرية و السيد قائد الشرطة العسكرية بصفتهما المسئولان جغرافيا عن ما حدث من " بعض جنود وضباط" الجيش ضد المتظاهرين العُزل
منفردين أو مجتمعين هم المسئولون عن أزهاق الارواح و تكسير العظام و هتك العرض  و كشف العورة و سحل المسالمين...

رغم كل الجرائم التى اقترفوها هولاء القادة فى حقنا، لكن يبقى لجيش مصر العظيم الذى خدمنا جميعاً فى وحداته و تشكيلاته يبقى لهذا الجيش الوطنى موفور الاحترام و عظيم الشأن دائماً يإذن الله
أماَ القتلة ؟ فإن تأخر عقابهم بالقوانيين الارضية الوضعية لبعض الوقت أو حتى إنعدم عقابهم و هم إحياء ... فسيُعاقبون بلا رحمة أمام مَن لا يغفل و لاينام

لاحقاً قدمت معركة محمد محمود الخطوط الرئيسية الواضحة لنهاية حكم العسكر، والزمتهم  بتاريخ مُحدد لتسليم السلطة للمدنيين .. لكن كان الثمن عشرات الشهداء و مئات المصابين

كنت أود نشر باقى الاجزاء عن احداث محمد محمود 2011، لكن يبدوا أنها تتكرر الان للمرة الثالثة


60750







الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

_147_ معركة شارع محمد محمود _ السبت 19 نوفمبر 2011_ الجزء الأول



 اليوم الأول:
فى اليوم السابق الجمعة 18 نوفمبر كانت هناك مليوينة سُميت "مليونية المطلب الواحد" حضرها و حشد لها من كل بقاع مصر اتباع و انصار تيار الاسلام السياسى ممثلاً فى الاخوان والسلفيين، مع حلول مساء الجمعة غادر جميعهم الى بلادهم عائدون بسلامة الله و حمده كى يتجهزوا للحملة الانتخابية للبرلمان وهى المغنم و المُراد وقتها لهم.
بينما بقى فى الميدان " معتصميين" أهالى شهداء و جرحى الثورة الذين ماطلتهم حكومة عصام شرف وقتها فى صرف ما وعدتهم الحكومة من مساعدات او تعويضات وهم الذين قدموا لبلدهم فلاذات أكبادهم خلال أيام الثورة.
فى صباح السبت إعتدت عليهم قوات الشرطة و المرافق و الامن المركزى و تعمدت أهانتهم و بعثرت حوائجهم البسيطة بل و القت القبض على بعضهم، خلال وقت قصير تكفل تويتر و فيسبوك بنقل الاخبار المزعجة و المهينة فتدفق شباب الثوار الى الميدان لرد الاهانة و العدوان عن أهالى الشهداء و الجرحى........... و من ثم إشتعلت واحدة من أشهر و اكبر معارك الثوار مع وزارة الداخلية بضباطها و جنودها و وزيرها حينئذ.
وصلت الميدان قبل آذان المغرب يوم السبت و كانت الكاميرة كالعادة هى رفيقتى.
و بمناسبة مرور العام الأول على ما حدث هناك سوف انشر مقتطفات منتقاة من الفيديوهات بعد ان تمت معالجتها بسبب حجمها الكبير و سوف اعرضها بحجم صغير و جودة متواضعة.
أحسبها شهادة معاصرة عشتها بنفسى مثل الالاف تواجدوا فى شارع محمد محمود، أيام مجيدة للثورة ستبقى دائماً وابداً فى ذاكرة الجميع محفورة

الساعة 4.52 م
على ناصية محمد محمود امام مطعم هاردييز كانت سيارة الشرطة المشتعلة ما زالت النهار تأكلها بينما اندفع مئات الشباب الى داخل محمد محمود، بينما بضعة الالاف احتشدت فى الميدان

 
الساعة 4.56 م
اندفعت داخل محمد محمود حتى وصلت الخط الامامى للاشتباكات كان الشباب لا يملكون إلا الحجارة بينما كانت الشرطة امامنا بالغاز و الخرطوش و المطاطى و طلقات الصوت ترد ... و بقسوة


الساعة 5.03 م
رجعت إلى أول محمد محمود تحت تأثير الغاز، وجدت الشباب يصلون المغرب الذى قد حان قبل دقائق موعده بينما وقف امام المُصليين صفاً من الشباب ليحميهم أثنار الصلاة، بينما كان المصلون يكبرون كان صوت قنابل الغاز و الخرطوش أعلى من صوتهم، وكالعادة فى الميدان كانت الصلاة تتم على مجموعات، بانتهاء الصلاة انفجر الغضب مصحوباً بالتكبير لله سبحانه وتعالى.



الساعة 5.17 م
بمجرد انتهاء الصلاة اندفعنا جميعا لمناصرة الشباب داخل الشارع، بينما قوات الداخلية كانت ترد بعنف و قسوة.. و لاحظت زيادة اعداد الضباط و الجنود و كذلك السيارات المدرعة.



الساعة 5.24 م
حل الظلام على الشارع معظم اعمدة الانارة مطفئة، ظلام دامس، بدأ نقل الاصابات الخطرة الى الخلف و سمعت باذنى احد المصابين يرفض نقله بسيارة الاسعاف خشية الاعتقال فى المستشفى الحكومى، تحت وطاءة الغاز و الخرطوش و زيادة اعداد سيارات الشرطة بدأنا نتراجع للخلف للميدان حيث المساحة واسعة و التنفس أسهل كثيراً من الداخل... و إندفعت بسرعة خلفنا قوات الشرطة تطلق الغاز و تضرب طلقات الخرطوش بكثافة على المتظاهرين.



الساعة 5.33 م
اندفعت قوات الشرطة داخل محمد محمود بكثافة، وتحت تأثير الغاز تراجع المتظاهرين الى قلب الميدان الاوسع، لكن الشرطة واصلت اطلاق قنابل الغاز بغزارة، اصبت باختناق و سقطت على الارض و رقدت الكاميرة بجانبى ايضاً.






الساعة 5.40  م
احتلت الشرطة قلب الميدان ثم بدأت فى اطلاق أكبر كم من قنابل الغاز علينا، تراجعنا الى شارع مريت باشا، بدانا نجمع انفسنا هناك و نساعد و نحمل المصابين، كان بيننا فتيات حاضرات بمقام رجال غائبون





الساعة  6.13 م
كان بيننا حتى بائعى غزّل البنات المساكين، اندفعنا شارع قصر النيل المؤدى الى ميدان طلعت حرب و تلاقينا مع المتظاهرين الذين خرجوا من الميدان الى شارع سليمان باشا و تجمعنا فى الميدان




الساعة 6.28م
و بدأ ضرب الغاز علينا مرة أخرى من شارع قصر النيل و شارع شامبليون، فتجمعنا مرة اخرى جميعا فى شارع محمود بسيونى للتوجه الى ميدان الشهيد عبد المنعم رياض، لم تهبط معنوياتنا........ بل زاد الاصرار اكثر... و انطلقت الهتافات تنادى بالحرية و سقوط حكم العسكر و سقوط المشير
فى ميدان طلعت حرب شاهدت الفاضلة/ ميرى دانيال و طلبت منها برفق ان تبتعد عن مصدر الخطر مع رفيقاتها، لكنها شكرتنى و اجابتنى بثبات و إيمان أنها إن لحقت بشقيقها مينا دانيال ستكون أسعد حالاً.




الساعة 6.31 م
عندما وصلنا الى مشارف ميدان الشهيد عبد المنعم رياض، صدمنا جداً أن جموع المتفرجين فى الميدان وعلى كوبرى 6 اكتوبر كانوا أكثر منا عدداً، و وقفوا يتفرجوا بحياد غريب، بكل حال عندما اندلعت الثورة قبل 10 شهور كان ملايين المصريين راقديين على الارائك و الكنب آمنيين فى بيوتهم ... "حزب الكنبة لاحقاً"




الساعة 6.35م
بدانا مرة أخرى التجمع امام المتحف المصرى داخل شارع مريت باشا او امتداد شارع قصر العينى متوجهين الى قلب الميدان بعد ان انسحبت منه قوات الشرطة الى داخل شارع محمد محمود



الساعة  6.53م
عندما وصلنا قلب الميدان لاحظت ان المتظاهرين  يتوجهون للميدان من مختلف الشوارع الجانبية عائدين باصرار للميدان ، بينما جاءت سيارة شرطة مسرعة و مرتبكة بعد ان كانت تطارد المتظاهرين على كوبرى قصر النيل محاولةً ان تلحق بإخواتها من السيارات المدرعة التى انسحبت بسرعة كبيرة الى داخل محمد محمود، و على يمين مسجد عمر مكرم بالقرب من ميدان سيمون بليفار كانت سيارات الاسعاف هناك، بدء العدد يزيد تدريجيا ثم انضم لنا مئات المتظاهرين الين هرعوا الى الميدان بعد علمهم بحجم الاشتباكات و الاصابات.


الساعة 10.11م


مرت ساعات الان، العدد يزيد تدريجيا ثم انضم لنا مئات المتظاهرين الذين هرعوا الى الميدان بعد علمهم بحجم الاشتباكات و الاصابات.
إمتلء الميدان بالالاف المتظاهرين، رغم برودة الجو... و رغم عدد الاصابات التى لحقت بالشباب ... و رغم الارهاق الناتج عن الكر و الفر .... و رغم تأثير الغاز الجديد البشع، لكن بداَ واضحاً أن الاحداث فى سبيلها للتصاعد العنيف
لا منصات ولا ميكرفونات مزعجة ولا مزايدات سياسية .. فقط الغضب الكبير هو الذى استولى على مشاعر و افكار و أراء الثوار الحقيقيين الذين حضروا للميدان من كُل حدبْ و صوب، و أنت فى شارع محمد محمود فى سخونة الاحداث لا تفكر فى السياسة أو مصلحتك فى الانتخابات التشريعية التى كانت على الابواب، فقط ستجد نفسك تفكر فقط فـــى مَن حولك و مَن أمامك.






لاحقاً، حددتْ معركة محمد محمود الخطوط الرئيسية الواضحة لنهاية حكم العسكر، والزمتهم  بتاريخ مُحدد لتسليم السلطة للمدنيين .. لكن كان الثمن عشرات الشهداء و مئات المصابين







إنتظروا الجزء الثانى


60300







إجمالي مرات مشاهدة الصفحة