اليوم الثانى
بمناسبة
مرور العام الأول على ما حدث هناك سوف أنشر مقتطفات منتقاة من الفيديوهات سوف اعرضها
بحجم صغير و جودة متواضعة...أحسبها شهادة معاصرة عشتها بنفسى مثل الالاف تواجدوا
فى شارع محمد محمود، أيام مجيدة للثورة ستبقى دائماً وابداً فى ذاكرة الجميع
محفورة
الساعة الحادية عشر صباحاً
إشتعل
شارع محمد محمود "الذى أصبح لاحقاً أشهر مِن ناراً
علىَ علم" إشتعل بمصادمات
هائلة بين قوات الشرطة و المتظاهرين، الذين كانوا هناك و يقرأون أو يشاهدون هذه التدوينة
الان فقط هم الذين لا يحتاجون أن أشرح لهم تفاصيل الصدام مع الداخلية... وجوه المتظاهرين ... حماسة و دفقة الغضب ... نزق و
اندفاع و جسارة الخط الاول و حاملى الاعلام ... ملامح
الفتيات اللائى كانوا يتنقلن بالادوية و مضادة الغاز و قطرات العيون و بخاخات
الخميرة و زجاجات الخَل، .... سائقى الدرجات البخارية الابطال ... كبار
السن من الرجال فى الخطوط الخلفية ... صبية صغار دون الخامسة عشر فى الخط الاول ... ما
كان لنا ان نرى أجمل ما فى شعبنا إلا... داخل شارع محمد محمود خاصاً يوم الاحد الدامى
الساعة
4.57 دقيقة
هذا
موعد آذان المغرب، بينما كنا نقف فى ساحة الميدان لنرتاح قليلاً من الغاز فى
الداخل، وبينما كان شارع محمد محمود مملوء بلالاف من شباب الثورة كان ايضاً
الميدان مملوء بالالاف غيرهم فى الميدان.
فجاءة
إندفعت فى وقت واحد كلاً من قوات الشرطة من شارع محمد محمود و قوات الجيش من شارع الشيخ ريحان الى قلب
الميدان لاخلاءه من المتظاهرين الذين أقلقوا وقتها الحكومة و العسكر و الاخوان .. و كان ماَ
كان
الساعة
الخامسة وخمس دقائق
مرة
أو مرتين إرتج الميدان بالغاز الكثيف والضجيج و الكر و الفر إلى ناحية عمر مكرم و
قصر النيل و طلعت حرب و ميريت باشا... مالت الكفة لصالح قوات الجيش، فلا نستطيع أن
نقف أمام جنود مشحونون نفسياً ضدنا بالاضافة إلى عقيدتهم العسكرية القتالية التى
تختلف عن عقيدة قوات الداخلية، أضف إلى كل هذا أن قوات الجيش التى اقتحمت الميدان
كانت من " النخبة " القوات الخاصة او 777 أو الصاعقة او المظلات، بنفسى
شاهدت و عاصرت و عانيت منهم، فلم أتخيل و
أنا على مشارف الخمسين من عمرى أن أجرى حاملاً الكاميرة و حقيبة على كتفى بها بعض
الطعام و زجاجة ماء .. كنت مع زملاء و اصدقاء كانو معى من قلب ميدان التحرير
يطاردنا باصرار و عنفوان و غِل و ضغينة جنود هذه القوات .. جريت مع المتظاهرين رغم
ثقل حقيبتى من قلب ميدان التحرير حتى ميدان الجلاء على مشارف حى الدقى .. حاولنا نتوقف
لالتقاط الانفاس على منتصف كوبرى قصر النيل لاداء صلاة المغرب ... لكن هيهات ...
الخامسة
و النصف
وصلنا
مشارف كوبرى الجلاء امام نادى القاهرة ، ...قطعنا كوبرى قصر النيل و معظم شارع التحرير
حتى اقتربنا من دخول ميدان الجلاء، هنا بدء الغضب يسيطر على مشاعر الجميع، تضاربت
المشاعر بين الحزن الشديد أن الميدان تم فضه بقسوة و سرعة ... و بين قلق شديد على
زملاءنا الذين تفرقوا الى جهات لا نعرفها ولا يردون على الهاتف ... و بين رغبتنا
فى العودة للميدان ... و شعورنا فى نفس الوقت أننا ليس لنا طاقة بمجابهة جنود
الجيش الاشداء الاغلاظ القساة
وقت
تصوير هذه الصورة كنُت فى الميدان من جهة كوبرى قصر النيل بينما كانت الصورة على
ناصية شارع طلعت حرب المؤدى الى الميدان، لكن صاحب الكاميرة وقتها كأنه يمتلك أهم
بندقية لا تقتل بل تفضح.
هذه
الصورة هى التى جعلت الميدان فى اليوم الثانى يشتعل بمئات الالاف من الغاضبين ...
كان مشهد الجندى الذى يسحب أحد الشهداء بعد وفاته "
فى هذه الصورة يُشار له بالرقم 1 "... كان الجندى يسحبه الشهيد من
ملابسه مثل الذبيحة... ثم ألقى بها جوار الرصيف وسط كومة من الاوراق و المخلفات. ...لهول
المشهد لم ننتبه وقتها أنه إلى جوار الشهيد كان يرقد سبعة شهداء أخرين، كماَ أشرت لهم
فى الصورة بالارقام.
شهداءنا .. هم أكبر مقاماً و أثمن قيمةً من قاتليهم ...بل و أعلى مِناَ نحن... أعلى مِناً بكثير شرفاً و نبلاً .
عند
مدخل شارع طلعت حرب كان الشهيد " المُشار له برقم 2" كان يحاول الهروب
مع زملائه من بطش و غلظة و قسوة جنود الجيش، تعثر فجاءة .. فسقط على الارض ...
و ويلاً لمن يسقط على الارض أمام هروات
القتل فى يد الجنود .. بعد قليل كان قد التحق برفاقه من الشهداء .. ليجتمعوا عند
ربهم الاعلى .. شاكين لجلالته بطش الظالمين ... و موعدون بإذن الخالق البارىء
بسماء فُتحّت لهم وقتها بإذن ربها الرحيم .... صاعدين إلى الملأ الاعلى حيث حُسن
الثواب و خير الخاتمة.
خاتمة
منذ
أنشأ محمد على باشا الجيش المصرى فى اوائل القرن التاسع عشر، و مروراً بكل أحداث
التاريخ المصرى فى المائة و ثمانين عاما الاخيرة لم يحدث أن وجّه الجيش أو بعض
جنوده و ضباطه أسلحتهم إلى المصريين المدنيين، لكن السادة كلاً مِن:
السيد وزير الدفاع
بصفته السياسية
و السيد رئيس الاركان بصفته التنفيذية
و السيد قائد المنطقة
المركزية العسكرية و السيد قائد الشرطة العسكرية بصفتهما المسئولان جغرافيا عن ما
حدث من " بعض جنود وضباط" الجيش ضد المتظاهرين العُزل
منفردين أو
مجتمعين هم المسئولون عن أزهاق الارواح و تكسير العظام و هتك العرض و كشف العورة و سحل المسالمين...
رغم كل
الجرائم التى اقترفوها هولاء القادة فى حقنا، لكن يبقى لجيش مصر العظيم الذى خدمنا
جميعاً فى وحداته و تشكيلاته يبقى لهذا الجيش الوطنى موفور الاحترام و عظيم الشأن
دائماً يإذن الله
أماَ
القتلة ؟ فإن تأخر عقابهم بالقوانيين الارضية الوضعية لبعض الوقت أو حتى إنعدم
عقابهم و هم إحياء ... فسيُعاقبون بلا رحمة أمام مَن لا يغفل و لاينام
لاحقاً قدمت معركة محمد محمود الخطوط الرئيسية الواضحة لنهاية حكم
العسكر، والزمتهم بتاريخ مُحدد لتسليم
السلطة للمدنيين .. لكن كان الثمن عشرات الشهداء و مئات المصابين
كنت أود نشر باقى الاجزاء عن احداث محمد محمود 2011، لكن يبدوا أنها تتكرر الان للمرة الثالثة
60750